العلاقة بين التواصل اللاعنفي والتكيف الاجتماعي لدى طفل الروضة

اسم الباحث:

شيراز غازي العوض

اسم المشرف:

  الدكتور وليد حمادة  – الدكتور فايز يزبك

العنوان:

العلاقة بين التواصل اللاعنفي والتكيف الاجتماعي لدى طفل الروضة

العنوان باللغة الإنكليزية:

The relationship between nonviolent communication and social

 adaptation among kindergarten child

العام:2024

القسم:تربية الطفل

الملخص:

تعد رياض الأطفال مؤسسات تربوية هادفة تسعى نحو تحقيق أهداف سلوكية ومعرفية وسيكولوجية خاصة بها وتنمية الأطفال تنميةً متكاملةً تشمل النواحي الجسمية والعقلية والانفعالية والاجتماعية والحركية؛ وذلك بهدف تأهيل الطفل تأهيلاً سليماً وإعداده لمراحل التعليم المختلفة، ومن حيث أن رياض الأطفال تسهم بشكل كبير في ﺗﻛوﻳن ﺷﺧﺻﻳﺔ اﻟطﻔﻝ وﺗﻬﻳﺋﺗﻪ للانتقال ﻣن ﺟو اﻷﺳرة إﻟﻰ الاﻧﺧراط ﺑﺎﻟﻌﺎﻟم اﻟﺧﺎرﺟﻲ واﻻﻧﺗﻘﺎﻝ إﻟﻰ ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﻣدرﺳﺔ واﻻﻋﺗﻣﺎد ﻋﻠﻰ اﻟﻧﻔس؛ فهي ﺗﺳﺎﻋده أيضاً على اﻟﺗﺄﻗﻠم ﻣﻊ اﻵﺧرﻳن وﺗﺣﻔزه ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻌﺎون واﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ وﺗﻧﻣﻳﺔ روح اﻻﻧﺗﻣﺎء ﻟﻠﺟﻣﺎﻋﺔ، وﻧظراً ﻷﻫﻣﻳﺔ ﻫذﻩ اﻟﻣرﺣﻠﺔ في تحقيق التنمية اﻟﺷﺎﻣﻠﺔ ﻟﻸطﻔﺎﻝ وﻗدراﺗﻬم وﻣﻳوﻟﻬم ﻳﻧﺑﻐﻲ أن ﻳﻛون اﻟﻬدف اﻷﺳﺎﺳﻲ لها هو التدريب السلوكي والعملي الذي ﻳﺗﻠﻘﺎﻩ اﻟطﻔﻝ ﻣن اﻟﻣﺣﻳطﻳن ﺑﻪ، ﻓﻳﻛﺗﺳب اﻟﺳﻠوك واﻷﺧﻼق وطرائق اﻟﺗﻌﺎﻣﻝ بما يضمن له المسار الصحيح في التكيف الاجتماعي مع البيئة التي تحيط به.

وقد اهتم علماء النفس بدراسة التكيف الاجتماعي لارتباطه بسلوك الفرد، فالتكيف ديناميكي مستمر يحاول من خلاله الفرد الوصول للمواءمة بين دوافعه وحاجاته من جهة ومتطلبات البيئة من جهة أخرى، فالفرد يسعى منذ ولادته إلى العمل بطريقة إيجابية لأن ذلك يبعث في نفسه الارتياح والشعور بالرضا، ويحقق له المزيد من التقبل الاجتماعي، ويشعره بقدرته على التأقلم مع مواقف الحياة المختلفة، وذلك يتطلب منه تعديل سلوكه ليتمكن من تحقيق الانسجام بين واقعه الداخلي ومحيطه البيئي الخارجي، وإذا فشل في تحقيق الانسجام فإنه يلجأ إلى محاولات وأساليب مثل: اليأس والانسحاب أو العنف والتسلط وغير ذلك من السلوكيات غير السوية. (الخوالدة والعلاوين، 2022).

كذلك جاء في دراسة درندري والعقلا 2022)) أن معظم نشاطات الفرد المختلفة عبر مراحل حياته تتضمن تكيف الفرد مع مطالب نموه ومواقف حياته الاجتماعية، والأكاديمية، والمهنية، والاقتصادية، والنفسية، وأن الفرد يعيش في مجتمع تسوده قيم وأعراف ويتصف بالتغير المستمر في بنيته الاقتصادية والثقافية، وهذا يتطلب من الفرد التكيف مع مطالب الجماعة وقيمها من جهة، ومع ما يطرأ على المجتمع من تغيرات مستمرة من جهة أخرى، وهذا يعني أن التكيف الاجتماعي يشير إلى حالة تتوافر فيها علاقة منسجمة بين الفرد والبيئة، فيستطع الفرد إشباع معظم حاجاته مع قبول ما تفرضه البيئة عليه من مطالب، أي أن التكيف الاجتماعي هو العملية التي تنطوي على إحداث ما ينبغي من تغيرات في الشخص أو في البيئة، أو فيهما معاً بقصد تحقيق الانسجام في العلاقة بينهما.

وفي ذات الإطار يشير كلاً من فورد وتايساك Ford & Tisak)) (1983) إلى أن الشخص المتكيف اجتماعياً يجب أن يكون حساساً لمشاعر الآخرين ويتميز بقدر عالٍ من المسؤولية الاجتماعية، ويجب أن يكون لديه مهارات تواصل جيدة، وقدرات قيادية، وأن يكون منفتحاً على الناس، وذا مفهوم إيجابي عن الذات. (العتوم والغرايبة، 2012)، كذلك تبين أن التواصل من الحاجات الاجتماعية والنفسية الهامة التي يصعب الاستغناء عنها؛ لأن التواصل يحقق للإنسان عدة حاجات (كالحاجة إلى الانتماء، والحاجة إلى التقدير، والحاجة إلى تحقيق الذات…). وتمتد أهمية التواصل الاجتماعي إلى تحقيق التوازن في الشخصية، وتخفيف الاضطرابات السلوكية، وقد لاحظ علماء النفس أن الأمراض النفسية تتكاثر في المجتمعات الحديثة، ويعزى ذلك إلى الخلل في العمليات التواصلية، وإلى العزلة والانفصال، وإلى تحول تلك المجتمعات إلى مجتمعات معلوماتية. (مشارقة، 2013)

إن تلبية هذه الحاجات تقوم على أشكال من التواصل الفعال منها التواصل اللاعنفي (الرحيم، التعاطفي) الذي يعد نهجاً لإنشاء تواصل تعاطفي وصادق بين الناس، وتعود نظرية التواصل التعاطفي لروزنبرغ Rosenbreg) والتي تقع ضمن تطبيقات النظريات الفردية، مقتبساً مفاهيم محددة من علماء مثل كارل روجرز Carl (Rogers، إيريك فروم (Eric Fromm) ، وتتمثل الفكرة الرئيسية لهذه النظرية في القدرة على إدراك المشاعر والاحتياجات الخاصة والتعبير عنها بطريقة حيادية دون إطلاق أحكام وتقييمات والإصغاء التعاطفي لاحتياجات الآخرين، كذلك يساعد هذا النوع من التواصل على بناء علاقات صحيحة وعلى ارتباط الفرد بنفسه وبالآخرين بطريقة تسمح لمشاعر التعاطف الطبيعية الموجودة داخل الفرد بالظهور والنمو، الأمر الذي يساعد بدوره على إعادة صياغة أسلوب المرء في التعبير عن نفسه والحوار وبناء الثقة مع الآخرين من خلال الخطوات الأساسية الأربعة التي حددها روزنبرغ في هذا النموذج لتطبيق التواصل التعاطفي وهي الملاحظة النقية، المشاعر، الاحتياجات والطلب وكل خطوة من هذه الخطوات يمكن استخدامها منفردة أو مجتمعة. (روزنبرغ، 2008)

ولكي ينمو التواصل اللاعنفي ويكون تأثيره حقيقي يحتاج إلى توفير وسط إنساني متمتع بالجو الفكري والروحي المناسب والملائم للمحيط الاجتماعي بما تسوده من قيم تشجع ثقافة اللاعنف، والمرحلة الأولى من تعزيز التواصل اللاعنفي مرتبطة بفعل سابق لها وهو نزع الشرعية عن العنف للتمكن من زرع اللاعنف وهذا يكون بتعليم وتدريب الفرد منذ طفولته على أن حب محيطه الاجتماعي من حب الحياة، واحترامه من احترام الحياة أيضاً؛ فهو دائماً يساعد على رفع الوعي حيث يحصل كل الأطراف على ما يهمهم دون شعور بالفرض والتهديد، الإهانة أو الإكراه، حتى عند قول كلمة “لا” فستكون بشكل لاعنفي فتتحقق فيها الحرية والإرادة دون انزعاج الطرف الآخر، وقد تم تطبيق التواصل اللاعنفي في المؤسسات التعليمية كمنهج تربوي وتعتمده كثير من مدارس العلاج النفسي السلوكي بالإضافة إلى كونه آلية من الآليات المتبعة في التخطيط لبرامج السلام في كثير من دول الصراع. (روزنبرغ، 2008)

تأسيساً على ما سبق ونظراً لأهمية مرحلة الطفولة في تشكيل شخصية الطفل وإعداده لأن يكون قادراً على التكيف الاجتماعي الصحيح مع نفسه ومع الآخرين وفقاً لقيم المجتمع الذي يعيش فيه، وذلك من خلال ممارسة أشكال التواصل الفعال منها التواصل اللاعنفي لأن الطفل عندما يستخدم هذا الأسلوب مع نفسه أو مع طرف آخر داخل الجماعة فإنه يستند إلى حالته الطبيعية من التعاطف التي تتميز بها مرحلة الطفولة بشكل خاص؛ من هنا جاءت أهمية تسليط الضوء على طرائق التواصل لدى طفل الروضة وقدرته على التكيف الاجتماعي لأنهما بوابته إلى العالم الخارجي ومواجهة الحياة المستقبلية.

الكلمات المفتاحية:nonviolent communication, social adaptation, kindergarten child.

تحميل البحث